• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

مراجعة في كتاب "العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين" من تأليف الدكتور عبدالحكيم الأنيس

أ. د. محمد رضوان الداية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/5/2016 ميلادي - 4/8/1437 هجري

الزيارات: 6264

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مراجعة في كتاب

"العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين"

من تأليف الدكتور عبدالحكيم الأنيس

 

(1)

في السنوات القليلة الماضية صدرَتْ تصريحات ذات أهمِّية بالِغة من أكاديميين عرَب، يصدِّقُ الناس أقوالَهم ويَقبلون آراءهم، وتحميهم مناصبُهم العلمية والإعلاميَّة من مواجهةٍ قد يتعرَّضون لها من أجهزة الردِّ الحاضرة دائمًا لتسفيه كل (نَقد) وإن كان نقدًا بنَّاءً؛ كما يُقال بلغة اليوم، وهي تصريحات تكاشف الأمَّة، وتقول على الملأ:

لماذا يقلُّ الإبداع أو يندُر في بلادنا العربيَّة والإسلاميَّة؟

ولماذا لا نحقِّق تقدُّمًا يُذكر في جوانب الفِكر والعلم، والفنِّ والأدب؟

ولماذا يكثر المبدعون من أبناء الأمَّة في غير بيئاتهم الأصليَّة، فيكون نجاحُهم منسوبًا إلى بلدانهم الجديدة، وجامعاتهم الحاضنة لا جامعاتهم الأم الحقيقية؟

 

ولمَّا كانت الجامعاتُ والمعاهد والمراكز التي تتبعها هي المجالَ الرئيسيَّ لحركة العلم، وتهيئة الجيل بعد الجيل لتَسلُّم مقاليد الأمور في المناشط المختلفة في حركة الحياة في كل أمَّة - صار الاهتمام بهذه المؤسسات وبمخرجاتها من المختصِّين أساسًا لمراجعة جَدْوى التعليم العالي، ولقياس مدى الجودة، ومعرفة القدرة على التجدُّد، والإسهام في صناعة حضارة الأمَّة، والارتقاء بها، والاستغناء بما يقدِّمه أبناؤها من احتياجاتها الأساسيَّة إلَّا في القليل الذي لا ضير في أخذه عن الآخرين، أو تبادله...

 

وهكذا، فإنَّ ما يقدِّمه الباحثون في قضايا العِلم والفِكر والتربية والتعليم من آراء فعَّالة - جديرٌ بالالتفات إليه، وإلى كلِّ ما يحرِّضُ الأمَّة على النُّهوض الحقيقي، بعد ذلك الزمن الطويل الذي فقدنا فيه زمام المبادرة في التقدُّم والتفوُّق، ومباراة الأمَم في تقديم الجيد والجديد على كل صعيد.

 

(2)

وينفع أبناءَنا أن يطَّلعوا على ما كانت عليه أحوالُ العلم والتعلُّم والتعليم في الأعصر الخالية؛ فإنَّ من مزايا أمَّتنا هذا الارتباط الوثيق بين الماضي والحاضِر في القلوب والنفوس، والامتداد المتواصِل في العناصر المكوِّنة للحضارة، وتقدير النخب العظيمة التي مرَّت في حياة الأمَّة، وتذكُّر إبداعاتهم في كل مجال...

 

ونحن حين نحيل في محاضراتنا وكتبِنا وندواتنا على بعض أبناء الأمَّة ليتأسَّى بهم أبناؤنا ويضربوا بهم المثلَ، فإنَّنا نذكر لهم أسماء علماء كِبار ما تزال آثارهم العلميَّة والفكرية والحضارية حيَّةً حيويَّة نافعةً؛ كالطبري في التاريخ والتفسير، والجاحظ في الآداب وعلوم الطبيعة، والخوارزمي في الرِّياضيات، والحسَن بن الهيثم في البصريات، وابن البيطار في الأدوية المفردة والأعشاب، والزهراويِّ الأندلسي في الطب والجراحة، وابنِ سينا صاحب التآليف المتعدِّدة الأغراض وخصوصًا القانون في الطب، وابنِ خلدون مؤسِّس علم الاجتماع وعلم التاريخ، والفقهاء الأربعة أصحاب المذاهب الشهيرة، والعالم الموسوعي ابن حزم الظاهري، وابن ماجد في علم البحار، والفراهيديِّ في اللغة والعَروض، والجُرجاني في البلاغة، والأشعري في علم الكلام، وابنِ عساكر في التراجم، والمتنبي في روعة الشِّعر وحسن البيان، وما لا يُحصى من أسماء العظماء وأرباب الفنون والعلوم والآداب.

 

(3)

في تصدير كتاب (العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين) أورَد المؤلِّف الدكتور عبدالحكيم الأنيس حديثًا نبويًّا في طلب العلم، وفيه: ((إن طالب العلم لتحفُّه الملائكة وتظلُّه بأجنحتها...))، وفي المقدِّمة نبَّه على أهميَّة البحث الذي يعالجه في كتابه، وهو يُخبر القارئ من أول الطريق أنَّ كتابه ليس مجرَّد أخبار مجموعة، وأقوال مَنسوبة، وآراء منقولة.

 

وأول ما قاله بصوت عالٍ يتوجَّه إلى علماء المسلمين (ص: 11)؛ فقضيَّة العلم موصولة بهم، وهو يريد - مسبقًا - أن يقول لهم: قد تكونُ المكافأة الدنيوية لما تقدِّمونه من العلم غير مكافئة لأتعابكم، وغير وافية بالحدِّ الأدنى لمطالب الحياة عندكم، ولكنكم مسؤولون عن العلم أن تبثُّوه في الناس، وموكل إليكم أن تقدِّموا للأمَّة من العلم ونتاجه ما تحتاج إليه... ولو كان ذلك على حِسابكم!

 

وبلهجة حماسيَّة دعَت إليها حرارةُ الموقف وأهميَّة القضيَّة، ينادي المؤلِّف والصوت عالي النَّبرة: "... ويا علماء المسلمين، إذا كان لكم حقوق، فإنَّ عليكم واجبات: أن تعملوا أشدَّ ما يعمل العامل لبثِّ العلم ورعاية طلَّابه، وإنارة الحياة بنور القرآن والسنَّة، وتصحيح المسار بفقههما وإرشادهما؛ كلٌّ في موقعه، إلى أن يأذن الله بعودة الحياة العلميَّة لدى المسلمين إلى ما كانت عليه يوم كانت عَواصِم الإسلام ومدنه وقُراه، وكلُّ بقعة فيه زاخرة موَّارة بالعلم وأهله تحمُّلًا وأداءً، وأخذًا وعطاءً، وتعلمًا وتعليمًا، وتفهُّمًا وتفهيمًا، يوم كان المسلمون أحرَصَ الناس على أعمارهم، فلا تنقضي لحظة إلَّا في عملٍ يعود بالخير على هذه الأرض".


وظاهر للقارئ أنَّ المؤلِّف أسهب في الذي على العلماء؛ من واجبات العلمِ وأدائه وإذاعته، والتمهيد للاختراع والإبداع من ورائه، والاستنباط من حقائقه ونتائجه.

 

وفي نظره - كما يبدو للقارئ من أول الكتاب إلى آخره - أنَّ العلم مسؤوليَّة، وهو عطاء، وهو من الدِّين، وإلى مقاصد الدين يعود أثره، والثواب من الله تعالى هو الجزاء الأول والأكبر، ولا يهمُّ بعد ذلك أن يكون الجزاء الدنيوي من الذين ينبغي أن يؤدُّوه لأهل العلم: ناقصًا، أو محتجنًا، أو غائبًا تمامًا، ويؤكِّد هذا الفهم ما قاله المؤلِّف الفاضل في الخاتمة (ص: 187): "إن العلماء كانوا دائمًا في موقف المُعطي لا الآخِذ، وإنَّهم أخلصوا العلم لله واحتسبوا...".


وقد بَيَّن المؤلِّف في مقدِّمته أولًا، وفي استقصائه في بعض معالم الكتاب ثانيًا - أنَّ علماء المسلمين أيام عزِّ الدولة العربية الإسلامية ونهضةِ العلوم والفنون والآداب، قد أدَّوا واجبهم، وحملوا الأمانةَ، ونقلوا مشاعل العلم؛ كلٌّ إلى مَن يليه، مع مضاعفة الجهد كل مرَّة، ومع الاستبحار المتواصل في البحث والدرس، والاستنباط والتجديد.

 

(4)

وفي الكتاب:

• عَرْضٌ لقيمة العلم عند المُسلمين من أيام الإسلام الأُولى.

 

• وبيانٌ لمحبَّة علماء الإسلام لبث العلم وتفانيهم في ذلك.

 

• وإظهارٌ لسعيهم إلى تنشئة جيلٍ بعد جيلٍ يحمل العلم، ويتحمَّل المسؤولية، فيبقى المشعل مُتَّقدًا، ويبقى المصباح منيرًا.

 

• وتنبيهٌ على اهتمام العلماء بالتأليف والتصنيف اهتمامَهم بالتدريس والتعليم، وهكذا اتَّسعت المكتبة العربية وامتدَّ أثرها في الدنيا.

 

• وتقرير أنَّ العمليَّة التعليميَّة عند المسلمين اصطبغَت بصبغة الأخلاق في مبتداها ومنتهاها، وفي جزئياتها وتفصيلاتها (ص: 15).

 

• وفي الكتاب أيضًا - في المقدمة خصوصًا - شكوى أورَدَها المؤلِّف بأسلوب ناعِم، وإن كانت أنفاسها حَرَّى؛ فالمدارس والمعاهد والمساجد ليست اليوم كما كانت عليه أيام عزِّ الدولة العربية الإسلامية، وتلك الكتب العتيقة (المخطوطات ذوات الأهمية) تشكو من الإعراض عمَّا فيها من العلوم النافعة.

 

وكأنَّ المؤلِّف يقول: أريد لهذا الكتاب أن يكون عرضًا لعناية العلماء المسلمين بالعلم، ودعوةً أيضًا إلى تجديده، وإعادة نَشره كما كان في العزيمة والهمَّة، وبالأساليب الجديدة التي تواكب العصر.

 

(5)

ومعالم الكتاب 28 معلمًا، ولكنَّها مرتَّبة في خمسة عناوين، واختار المؤلفُ لهذه العناوين عبارات تتدرَّج مع ساعات النهار إلى الليل، في إشارة لطيفة إلى تدرُّج تلك المعالم، وإلى تواصلها وتكاملها، وقد قال المؤلِّف في خاتمة الكتاب (وهي تلخيص جيد لمقاصده العامة): (ص: 186): "وقد رتَّبتُ هذه العالم متدرِّجة قدر الإمكان تدرُّج ساعات النهار، فكأنَّ النهار يعكس مراحل التعليم بأطوارها".


وفي كل مَعْلَمٍ من معالم الكتاب - وقد جاء في نحو مائتي صفحة - (شواهد ومشاهد، وآثار ومآثر، وجهود وجهاد) (ص: 14).


ومن تنظيم الكتاب أنَّ المؤلف ذكَر الشواهدَ والأمثلة والأخبار فيه مُتسلسلة بحسب الوفَيَات لأصحابها، متدرجة مع توالي الأزمان.


على أن المؤلِّف قدَّم لكتابه قبل عَرْض المعالم - وتمهيدًا لها - بثلاث مقدِّمات عن العناية بالعلم؛ في كتاب الله تعالى، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أخبار صحابة رسول الله رضوان الله عليهم، ويريد المؤلِّف أن يقول للقارئ، وللعلماء أنفسهم: مَن كان دينه يهتم بالعلم كما أصفُ لكم في هذه المقدِّمات، فماذا سيكون موقفه إذًا؟ وماذا سيقرِّر بعد ذلك؟


وعنوان هذه المقدِّمات يؤخذ من عبارة نقلها المؤلف من تفسير القرطبي (ص: 17) عند تفسير قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ... ﴾؛ الآية [آل عمران: 187]، قال: "وهو خبر عامٌّ - يعني لأهل الكتاب وغيرهم - فمَن علم شيئًا فليعلِّمه، وإيَّاكم وكتمانَ العلم؛ فإنه هلَكة، وقال محمد بن كعب: لا يحلُّ لعالم أن يَسكت على علمه، ولا لجاهلٍ أن يسكت على جهله".


(6)

فرَّق المؤلفُ ما اجتمع له من العناية بطلَّاب العلم عند العلماء المسلمين على تلك المعالم وتحت تلك العناوين، ووفى عند كل مَعْلم ما يخصه من الأخبار، والتعليق عليها، والتوجيه بما يناسبها.


فكان في (خطوط الفجر) كلام على حضِّ العلماء على طلب العلم، وتأليف الكتب في ذلك، وإرشاد المعلِّمين في تعليم الطلاب والوصيَّة بهم، ونقل في بعض فقرات المَعْلم قول أحَد الشعراء في تعاطي أسباب العلم (ص: 50):

ليس إلى ما تريدُ - ما لم
تَلْتقِ أسبابه - مَساغُ
والعلم من شَرطه ثلاثٌ
المالُ والصحُّ والفراغُ


يقول: إنَّ مما يؤدِّي إلى تلقِّي العلم بيسر: التفرُّغ للعلم، والصحُّ (أو الصحة فهما بمعنًى واحد) والسَّلامة، وما يكفي الطالبَ من نفَقة (مِن عند أهله أو من الأوقاف، والباذلين لأهل العلم).


وعنوان (نور الصباح) يتناوَل الحرص على تعليم طلَّاب العلم والعناية بهم، والصبر عليهم، وإعفاءهم من الأجرة (أجر التعليم) ومساعدتهم لو أمكن، وفيه أن الشيخ كمال الدين الخطيب شهيد ميسلون (1338 هجرية) درَّس الطلاب في حلقات كان يعقدها في بيته، وفي عدد من المدارس دون أن يأخذ على دروسه أجرًا، وكان يلقي كثيرًا من الدروس على ضوء الشموع (ص: 70).


وفي (إشراقات الضُّحى) تصوير لاهتمام العلماء المُسلمين بذوي النُّبوغ من الطَّلبة، حتى إنَّ بعض التلامذة أتقَن علوم أُستاذه، وبلغ مرحلةَ نقده والرد عليه.


ونجد هنا نقطةً للمؤلِّف جديرة بالوقوف عندها، فقد ذكر تلمذة محمد بن عبدالله بن الحكم للإمام الشافعي حتى صار مؤلِّفًا، ومن كتبه: الرد على الشافعي في ما خالف فيه الكتاب والسنَّة، قال المؤلِّف حفظه الله بعد الكلام على عِناية الشافعي رحمه الله تعالى بهذا التلميذ الذي كبر - ما نصُّه: (وهذا كله يبيِّن صِدق فراسة الشافعي فيه، وأنَّ نظره كان في محلِّه، ولكن: ليته إذ ردَّ على شيخه لم يبلغ هذا المبلغ)، وأقول أنا كاتب هذا البحث: لقد تأثَّرتُ بتعليق المؤلف رعاه الله، ونفذ إلى القلب منِّي، وقد عانيتُ استفادة بعض التلامذة - من الأذكياء وغيرهم - من أساتذتهم ونكران الجميل منهم بعد وفاة أولئك الأساتيذ، وهذا من آفات المُشتغلين بالعلم، وكأنه ضريبة لا بدَّ من أدائها!


وفي (أجواء الظهيرة) حديث عن نظر الأُستاذ إلى تلميذه بالتقدير، وإبراز محاسنه دون هفواته، والدعاء له، وتقوية صِلته بالله تعالى، وحثه على الالتزام بالصِّدق، وتوجيه الوصيَّة له لينتفع بها، وفيه قال الحارث بن أسد من أهل قفصة بتونس (المغرب الأولى): "لما أردنا وداعَ مالك بن أنس، دخلتُ عليه أنا وابن القاسم وابن وهب، فقال له ابن وهب: أَوصِني، فقال له: اتَّقِ الله، وانظر عمَّن تنقل، وقال لابن القاسم: اتَّقِ الله وانشر ما سمعتَ، وقال لي: اتَّقِ اللهَ وعليك بتلاوة القرآن"؛ (ص: 165).


وفي (نسمات المساء): كان من عناية العلماء بطلَّابهم النَّابغين الصالحين تقريبهم وتزويجهم بناتهم أو قريباتهم، قال المؤلِّف: والأمثلة في ذلك كثيرة، وبدأ بزواج الإمام التابعي سعيد بن المسيب (ت: 91 هجرية) من ابنة الصَّحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه (ص: 171)، وفي هذا العنوان كلام على حِفظ الأساتذة تلاميذهم في ذرياتهم.


(7)

ويلاحظ قارئ هذا الكتاب الجيد النافع:

1- لهجة المؤلف، ونَفَسه الحماسي في أثناء الحديث عن العلم وأَهله؛ فإنَّ ما في الكتاب كله يَصدر عن باحث مدقِّق من جهة، ومتمسِّك بالنظرة الإسلامية إلى العلم والتعليم والتعلم، وما يلحق بذلك من التأليف والتصنيف، ومن الدعوة الصَّريحة العالية الصَّوت للنَّهضة بحركة العلم في بلاد العرب والمسلمين.

2- وتدخل المؤلف بملاحظاتٍ لا تكاد تَنقطع في أثناء إيراد الأخبار المختلفة، وبآراء تبين وجهة نظره، أو بمواقف نقديَّة واضحة المقصد.

3- وإضافة ملاحظات أُخرى عند مواضع تستحقُّ الإضافة والتعليق في حواشي الكتاب أيضًا.

4- واطراد المنهج للمؤلف في أقسام الكتاب، ودِقَّة وَضع الأخبار والأحوال مواضعها.

5- والصِّلة الدقيقة بين عنوان الكتاب ومقدِّمة المؤلف، ومعالم الكتاب وعنواناته الداخلية، وخاتمته.

6- يبرز في الكتاب صورة المعلم النَّاجح المخلِص للعملية التعليمية التي يتفاعل معها، وإن كنت لا أعرفه يمارس مهنة التعليم الرَّسمي الآن، وفي هذا (في رأيي) نوع من التمثل الفعلي لهذه المهمَّة العظيمة أيضًا، من خلال ملاحظته من تعلَّم على أيديهم.

• أقول: وقد عرفتُ المؤلِّف فيما سمعتُ منه وقرأتُ له، وفيًّا لأساتذته، ولذكرياتهم عنده.

7- وللمؤلِّف يدٌ سابقة ممدودة إلى موضوع الكتاب؛ مثل كتابه الآخر: (أدب المتعلِّم تجاه المعلم في تاريخنا العلمي) صدر سنة 1429 - 2008م.


(8)

وقد يكون من حقِّ القارئ أن يدعوَ المؤلِّفَ الباحثَ الفاضل إلى تأليف كتابٍ جديدٍ يراجع فيه حالَ العلم والعلماء في العصر الحديث في البلاد العربيَّة والإسلاميَّة، وينظر في شروط نَهضة العلم، ونجاح العلماء في مقاصدهم، ويصف - مما يجتمع لديه، ويجتهد فيه - كيف يَرقى العلم في بلادنا مثلما كان سابقًا، وكيف يكون العلماء الحقيقيون قادرين على إنجاح العمليَّة التعليمية؛ فإنَّ ماضي هذه الأمَّة، ومسؤوليَّتها دائمًا في طلَب العلم، ورفع شأنه، والإفادة بالخير منه - يحفِّزنا على ذلك...

 

وأسوق في الخاتمة خبرًا قرأتُه في "معجم البُلدان"؛ ياقوت الحموي (5/ 128)، في مادَّة (مِسْكَة)؛ وهي قرية من قرى عَسْقَلان أعادها الله دارَ إسلام، عند ذكر أحد علمائها أبي محمد عبدالله بن خلف بن رافع المسكي المصري، فقد كان هذا الرَّجل من تلاميذ أبي طاهر السِّلفي وأبي الحسين الكاملي وغيرهما، قال:

(... جمع تاريخًا لمصر أَجادَ فيه، ومات وهو (أي ذلك الكتابُ الذي جمعه في تاريخ مصر) في مُسوَّداته، قد عجز أَن يُبيِّضها لفقره، فبِيع (ذلك الكتاب في نُسخته الأُولى) على العَطَّارين لِصَرِّ الحَوائج، كأنَّه لم يكن بمصر من يُعينه على تبييضه، ولا ذو همَّةٍ يشتريه فيبيضه)!

 

أسوق هذا الخبَر دون تعليق، وكم من كتابٍ انتهى في دكاكين العَطَّارين تُصَرُّ به الحوائج! (ينظر مقدِّمة كتاب البديري الحلَّاق أيضًا المعنْون: "حوادث دمشق اليوميَّة")!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كلمة عن كتاب: العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين
  • تقديم كتاب (العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين) تأليف الدكتور عبد الحكيم الأنيس
  • ساعة في صحبة الشيخ د. عبد الحكيم الأنيس

مختارات من الشبكة

  • كيف تراجع كتابا (نموذج مقترح لمراجعة كتاب)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تقنيات المراجعة الفعالة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مراجعة في كتاب الوحدة والتنوع في تاريخ المسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مراجعات طالب علم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراجعة كتاب: تحفظات المملكة العربية السعودية على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان "دراسة مقارنة"(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • غامبيا: دار الإمام مالك تقيم احتفالها السنوي لمراجعة وتحفيظ كتاب الله(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حاجة المسلمين إلى مراجعة ما هم عليه وتصحيح أخطائهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأعلام للزركلي مراجعات وتصحيحات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور المراجعة الداخلية الحديثة وأثرها في الحد من المخاطر المصرفية (WORD)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مراجعات في الفكر والدعوة والحركة(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
5- تحية
ليث كامل الرفاعي - الإمارات العربية المتحدة 18-05-2016 05:41 AM

مزيد من التقدم حفظكم الله ورعاكم

4- شكر
د.عبدالحميد الفياض - العراق 17-05-2016 05:04 PM

لكم كل الشكر مع التقدير...

3- ما أحوجنا إلى الفهم والمعرفة والسلوك
زيد الأعظمي - العراق 16-05-2016 11:14 PM

جزاك الله كل خير شيخي الكريم على ذلك الإنجاز النافع والرائع
ما أشد حاجتنا إلى العلم والفهم والمعرفة والسلوك.
لو كان لكل عالم 100 طالب علم فإن ذلك لا يسد حاجة أمتنا
بعدالصدم الحضاري للغرب، رافقه من جهتنا تصحر وقحول في الهمم حيث آلت سوحنا قيعان جرزاً،
صحراء وقد قل النبت فيها والمُنبَت .

2- سبحان الله
د. أحمد ختال العبيدي - العراق 16-05-2016 10:23 PM

سبحان الله في كل العصور الإسلامية هناك أناس لا يقدرون المنزلة التي وضعهم الله فيها فلا يعطون حقها . وفق الله الجميع لتأدية الأمانة . آمين

1- شكرا
عبدالعزيز بن حمود - سلطنة عمان 16-05-2016 09:46 PM

شيخنا
جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم
آمين إنه سميع قريب مجيب

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب